Friday, May 13, 2011

لماذا قررت النوم فى ميدان التحرير


بينما أتجول فى ميدان التحرير و أستمتع بالتواجد بين المصريين من كل طوائف المجتمع , من كل أقطار مصرنا المحروسة  لاحظت وجه أمرأة مصرية خط على وجهها الزمن خطوط غائرة تدل على تقدمها فى السن و يضيف طيبة تشعرك بلأطمئنان و الراحة , وجه مصر التى يتعدى عمرها الاف السنين و ترى فيها العظمة و الطيبة و الدفء , فى بادىء الأمر لم أتوقف عندها كثيرآ   خصوصآ أنها كانت تحمل صورة  كبيرة لشاب فى ربيع العمر , صورة من ضمن الصور الكثيرة التى ملأت الميدان فى تلك الفترة و كان وجه هذا الشاب من الوجوه المألوفة فقد كانت صورته معلقة فى وسط الميدان , فتأكدت أنها أم أحد شهداء الثورة و جائت تطالب بالقصاص من من قتلوه  , مر يوم و كعادتى أتى إلى الميدان بعد ساعات العمل ولا أنام فى الميدان  , فقط أستمتع بالتواجد فى الميدان أول منطقة محررة على أرض مصر من سلطة الدكتاتور و أجد نفس المرأة فى نفس المكان مع أختلاف حالتها , فهى تتابع المارة و تنظر أليهم بشغف و أحيانآ أخرى ألاحظ أنها تأكل البسيط من الطعام ثم تعاود حمل الصورة و النظر فى وجوه المارة و هى لا تبارح مكانها أبدآ , فالشباب كانو يقومون على رعايتها , و متابعة طلباتها دون حتى أن تطلب .
بعد ثالث مرة أراها  فيها قررت أن أسألها عن سبب وجودها , فالشباب يقومون بالواجب و هى كبيرة فى السن و كنت أخاف أن يصيبها مكروه فى هذا البرد من شهر فبراير , فجلست بجوارها و بدأت الحوار :
انا : سلامه عاليكو يا حاجة
  الحاجة : وعليكم السلام يا أبنى
  انا : أنتى عاملة أية يا حاجة , مش تروحى يا حاجة و متقلقيش أحنا هنا عشان نخد حق أبنك و الشباب كتير زاى مانتى شايفة , راوحى يا أمى الدنيا برد عليكى
الحاجة : الحمد لله يابنى مستورة الشباب هنا وخدين بالهم منى و مش مخلينى  محتاجة حاجة, و متقلقش من البرد أنا وخدة عليه  , كل اللى محتجاه سيد أبن بنتى يرجعلى , خرج ييلعب كورة مع أصحابه الجمعة اللى فاتت مرجعش يابنى من ساعتها, ولاد الحلال دالونى على هنا و قالولى انى ممكن ألاقيه هنا مع الناس , انا مش عرفه هو أية اللى جابو هنا يابنى , دة انا مشفتش حد بيلعب كورة خالص هنا , دة أنا محلتيش غيره فى الدنيا , هو اللى بياخد باله منى بعد ما أمه  ماتت بالمرض البتّار بعيد عنك و عن السمعين يا أبنى و هو اللى بيصرف على البيت , دة صنايعى قد الدنيا و معاه دبلون صنايع , ونبى يا أبنى لو شفته قوله يرجع البيت بقه ليمشوه من الشغل , ولا أقولك , قوله يرجع و انا هجوزه البت سامية بنت عم عوض العجلاتى , اصله يابنى بيحبها , دة كل يوم موراهوش ألا سيرتها , سامية راحت سامية جت , هاريين بعض رنات صول الليل على المحمول , قوله يابنى يرجع دة وحشنى قوى
لم أستطع السيطرة على دموعى  التى بدأت تتساقط على وجهى من شدة تأثرى و نظرت إلى الصورة التى فى يدها و صورة حفيدها المعلقة فى قلب الميدان و برد فعل لا أرادى حضنتها و أنهمرت الدموع بغزارة و أخذت أكرر و الكلمات تخرج منى ممزوجة بصوت البكاء
: أحنا كلنا ولادك يا حاجة , كلنا ولادك يا أمى , اقسم بالله لنجبلك حقك , أقسم بالله لنجبلك حقك , مش هنسكت ,والله ما هنسكت
أنطلقت أصرخ فى كل الميدان بكل قوة : يسقط يسقط حسنى مبارك , أمن الدولة كلاب الدولة
و كأءن الميدان دبت فيه الروح من جديد و هى فى الحقيقة لم تغب أبدآ و  تعالت الصيحات فى كل مكان , يسقط يسقط حسنى مبارك , يسقط يسقط حسنى مبارك
و  من يومها لم أترك الميدان , أفترشت الأرض بجوار السيدة العجوز التى تبحث عن حفيدها الشهيد , البطل الذى أهدانى بدماءه  
الحرية التى لم أعرفها من قبل .


الفا تيتو  
12 \05\2011


No comments:

Blogger Widgets