Monday, April 25, 2011

الشهيدة نيفين أبراهيم غطاس


انا الشهيدة نيفين أبراهيم غطاس , المعيدة فى كلية طب القصر العينى و أبنة الطبيب المشهور أبراهيم غطاس أشهر دكتور عيون فى مصر .
لم أكن يومآ من هذا النوع من الشباب , أبى قام على تربيتنا تربية علمية مثقفة منفتحة على العالم و تقبل كل الثقافات و الأفكار و لكنه كان دائمآ يحاول أبعادنا أنا و أخوتى عن الحياة السياسية و الكلام فى السياسة , و كان هكذا منذ أن كان طبيب مبتدىء يمتلك عيادة صغيرة و يدرس فى الجامعة و أعنى مبتدىء أى فى بداية مشواره للشهرة و ليس خريج جديد  , و زادت تلك النظرة للحياة السياسية فى مصر منذ أن أصبح مشهور , فهو يخاف كل الخوف على ضياع هذا المجد الذى حققة فى بلد يدين معظم سكانه بالأسلام و كثير منهم الذين لا يمتلكون عقلية متفتحة يحاولون محاربته , و لا أنكر أن هذا السبب بالذات هو سبب شهرة أبى و نجاحة , فكلما واجهه دكتور سطحى التفكير يحاول عرقلته فى الدراسة لمجرد أنه غير مسلم زاده هذا قوة و تحدى و عزيمة , كلما واجه بعض الطلاب الذين يعتقدون أن المسيحى غير مرحب به بينهم كلما زاد أصرار على أن يثبت لهم أنه أفضل منهم  , و فعلآ كانوا يتحولون بعد أن يثبت لهم تفوقه إلى أصدقاء و يلعنون أيام العداوة , و الغريب أن من لهم الفضل فى نجاح أبى بعد توفيق الله , هى مساعدة أعز أصدقائة الدكتور أحمد سعيد الطنطاوى العضو البارز فى جماعة الأخوان المسلمين , فصداقتهم تمتد منذ الدراسة 
الثانوية إلى الأن.

بسبب بدايات أبى الصعبة فضل أن نكون أنا و أخوتى بعيدين كل البعد عن الحياة السياسية  و لكن بسبب الأنترنت و الأصدقاء بدأت أهتم  يومآ بعد يوم بقضية مقتل الشاب خالد سعيد الشهيرة فى الأسكندرية , كنت أتخيل أنه من الممكن تكرار ما حدث معى أو مع أحد أخوتى , فكنت أشارك الشباب الوقفات الأحتجاجية و المظاهرات السلمية أمام نقابة الصحفيين أو أمام قلعة التعذيب فى لاظوغلى , لم أكن أبحث عن حق خالد سعيد أو غير خالد سعيد , بل كان بداخيلى خوف حقيقى من تكرار ما حدث معى او مع أى شخص عزيز على , فكنت أخرج فى المظاهرات السلمية دون علم أبى , رغم أنه كان متابع للقضية و الأحداث و كنت أرى فى عينية الرغبة فى المشاركة لتغير الوضع القائم فى بلدنا الحبيبة مصر و لكن شىء ما بداخله يمنعه من التحرك , خوف تراكم و تراكم على مدار سنين طويلة كانت نتيجتها أننا أصبحنا نخاف المطالبة بحقوقنا الشرعية .
إلى أن أتى يوم 25 يناير يوم العزة و الكرامة , يوم خروج صرخة مظلوم , يوم تحرك فية من أمن أنه يمكن أن نتحرك , من أمن اننا نستطيع التغير , يومها خرجت أنا و أعز أصدقائى هالة  تدرس معيدة فى كلية صيدلة القاهرة , و لم نكن نعلم أنها سوف تتجاوز جميع الوقفات الأحتجاجية السابقة , كان كل أملنا أن يسمعنا أحد و أن يتحرك مسؤل أو يشعر بنا أحد و يقوم بتغير هذا الوضع السىء , الصرخة كانت قوية و لكنها صغيرة , لم يتجاوز المشاركين فى هذا اليوم الخمسيين أو الستين ألفآ ولكن هذا الرقم كان كبيرآ بالنسبة للوقفات السابقة , رقم لم نكن نحلم به , و العجيب أن من شارك فى هذا اليوم هم شباب الأنترنت , و ليس شباب أو رجال الطبقة الفقيرة الذين يملكون الحق الأصيل فى القيام بالثورة , فأنا معيدة فى الكلية و أبى يمتلك مستشفى و هالة معيدة و أبوها من كبار تجار الذهب فى مصر فلم نكن نسعى لتحسين أوضاعنا المالية , بل بقاء الوضع على ما هو عليه ربما يكون أفضل , كذلك الحال لمعظم المشاركين من الجامعة الأمريكية و الجامعة الألمانية و الكندية , انهم شباب لم يهانوا من قبل , فمعظمهم من أبناء الأسر الغنية , و بعض الفنانين و من ممثلين و مغنيين و تشكيليين , كان يوم 25 فعلآ يوم مختلف , أثبت فيه هذا الشباب أنه يستطيع , و وصلت الرسالة للشعب المصرى كله  , و خرج الناس للشارع بالملايين يوم 28 يناير جمعة الغضب , يوم تحولت الثورة من شبابية إلى شعبية , هنا فقط تغيرت نظرة أبى و بدأ يطلب منى المساعدة فى أرسال المساعدات الطبية اللازمة إلى ميدان التحرير , بل طلب منى تكوين فريق طبى لعلاج الجرحى فى الميدان و أخذ كل المساعدات الطبية الازمة من المستشفى , لقد كان مثل السجين الذى حكم عليه بالأعدام و ينتظر تنفيذ الحكم فى أى لحظة و عندما فتح الباب قال له السجان أخرج فأنت حر , لقد سقط حكم الأعدام , فكان يقدم كل المساعدات و هو فى منتهى السعادة و وضع تحت يدى عدد من موظفى المستشفى للمساعدة فى نقل الأدوات الطبية .

و فى يوم موقعة الجمل , ألتقيت بصديقتى هالة فى الصباح الباكر من يوم 2 فبراير و وضعت مسلتزماتنا الطبية فى شنطة السيارة و أنطلقنا مسرعين إلى وسط البلد , حيث اننا كنا نقوم بترك السيارة فى ميدان العتبه و السير على الأقدام إلى ميدان التحرير و نقوم بتمريض المصابين قدر المستطاع فى هذه الظروف , و لم يكن يومآ عاديآ منذ البداية  حيث كانت المواجهات ساخنة عند خط النار الملاصق للمتحف المصرى و أذا بهم يتوقفوا و يتم دخول خيل و جمال إلى ميدان التحرير وسط زهول الجميع و كان ركاب الخيل و الجمال يحملون أسلحة من سيوف و خناجر و عصى حتى أنها كانت أقرب منها لموقع تصوير مسلسل تاريخى منها إلى قوات أمن تحاول الهجوم على المتظاهريين السلميين , لم يدم زهول المتظاهرين كثيرآ حتى بدأو فى رد الهجوم على ركاب الخيل و الجمال و رأيت بعينى شباب يصاب أصابات بالغة فى الرأس و الكتف و بعضهم فارق الحياة فى هذا اليوم .
لم يمضى وقت طويل حتى وجت ثلاثة من شباب الأخوان يحملون شاب فى منتصف العشرينيات ملتحى  و كانت رأسه تنزف بغزارة و هو فاقد الوعى , قام الشباب بوضعه أمامى على الأرض و قامت هالة بمساعدتى لتضميد جراحه ووقف النزيف , و الحمد لله لم يكن الجرح عميق فتمت السيطرة عليه بسرعة و لكن ظل الشاب الملتحى فاقد الوعى , لم أكن أتخيل أن هناك شخص ملتحى بهذه الطريقة التى يتبعها السلفيين و يكون فى غاية الوسامة فى نفس الوقت , لم أستطيع منع نفسى من النظر إلى وجهه المضىء كالبدر و كأن اللحية تزيدة جمالآ ووقارآ .
بدأت فى محاولة أنعاشة فبدأ يفتح عينيه شيأ فشيأ هنا فقط تمنيت لو انه يظل مغلق العينين , فعينيه الخضراوين زادته جمالآ إلى جماله و وسامة إلى وسامته , فسرت فى جسدى رعشة لم أشعر بها من قبل , و كاننى أسقط فى هوة عميقة ليس لها قرار , لم أستطيع التحدث أو سؤاله عن ماذا يشعر قبل أن يبدأ هو فى الكلام و يسأل أين أنا , جاوبته و انا أحاول أن أخفى ما أشعر به فى داخلى ,

أنت فى المستشفى الميدانى

انا بقالى قد أية نايم

مش كتير , تقريبآ نص ساعة كدة , أستريح عشان الجرح لسة بينزف

لم أكمل الكلمة حتى أنتفض كالملسوع و قال : انا لازم أرجع لولاد الكلب دول كلاب مبارك
ولم يعطينى فرصة أن أضيف أى كلمة أخرى و انتطلق خارج الخيمة إلى ساحة القتال كالأسد , لم يمضى كثير من الوقت حتى توافد علينا أعداد أكثر و أكثر من الجرحى و المصابين , كنت أنظر فى وجه كل من يأتى حتى أتبين أن كان هو أم لا فأنا لم أعرف حتى أسمه او أى شىء عنه , حاولت ان انشغل بعلاج المصابين حتى أنتصف الليل و قد نفذ منا مستلزمات الأسعاف من مكروكروم و شاش و سلك لخياطة الأصابات , فنظرت إلى هالة و طلبت منها مرافقتى للذاهب و أحضار بعض المستلزمات الأضافية من السيارة ولكن كانت تواجهنا مشكله فى الذهاب إلى السيارة فى هذة الظروف و البلطجية فى كل مكان فى وسط البلد , فأقترحت على هالة أن نسأل أحد أعضاء الأخوان لطلب المعونة , فقال انه يستطيع أن يرسل معنا أحدهم لمرافقتنا و العودة بسلام فطلب مننا الأنتظار و ذهب بضع دقائق و عاد و فى رفقته شخص أخر و كانت المفاجأة السارة أنه نفس الشاب الذى قمت بتمرضه  منذ ساعات , نظرت أليه مبتسمة لم يبادلنى الأبتسامة و كانت تحمل ملامحة صرامة كالتى تكسوا وجوه ضباط الجيش , طلب مننا أتباعه و اتجهنا إلى الخروج من شارع عبد السلام عارف , و نحن فى طريقنا إلى الخارج توقف و نظر ألينا بصرامة كأنه قائدآ للجيش يلقى تعليمات المعركة على جنودة و قال , أتمنى تسمعوا كلامى دة و تنفذوه بالظبط عشان نرجع بسرعة , البلطجية فى كل حتة و لازم ناخد بالنا عشان محدش منكم يتعور ولا يتمسك , انا همشى خاليكم ورايا بالظبط مش عاوز وحدة تتصرف من دمغها ياريت , أسمك أية ؟
أخذت لحظات و انا مرتبكة فكرر السؤال : أسمك , نسيتى أسمك ولا أية ؟
أجبته بسرعة  بأرتباك و كأننى فى المدرسة : نيفين أبراهيم

أنا أسمى  أحمد زكريا  

ثم نظر إلى هالة و قال : وحضرتك ؟

جاوبته  هالة بنفس الأرتباك : هالة تدرس

توقف و نظرته تغيرت بعض الشىء و قال : نصارى ؟

سألته بستهجان : أية نصارى دى ؟

أجابنى : مفيش وقت للكلام دة يلا بينا

ثم بدأنا التحرك و انا أسمعه يقول , بسم الله الرحمن الرحيم توكلنا على الله

بعد نقاش قصير مع عساكر الجيش و كأنه يقوم بالتنسيق معهم  
عبرنا الدبابات التى تفصل بين منطقة التحرير التى يتجمع فيها الثوار و الشارع المؤدى إلى ميدان طلعت حرب  و كانت الساعة تجاوزت منتصف الليل بقليل و ما زال صوت التراشق يصل إلى مسامعنا , فلم يهداء بلطجية النظام و لم تنكسر عزيمة المعتصمين بقيادة الأخوان المسلمين , أخذ الصوت يخفت و يخفت و نحن نتجه بعيدآ إلى جراج البستان حيث توجد سيارتى و ما تبقى من مواد أسعافية , كان أحمد يتحرك بحذر و انا وهالة من خلفه نتوخى الحذر و كان يقود المسيرة بشجاعة منقطعة النظير و ذكاء و كأنه يعلم كل كبيرة و صغيرة فى شوارع وسط البلد , و صلنا للجراج و توقفنا أمام الباب الجانبى وسألنا , هو انتم راكنين فى الدور الكام ؟
أجبت : فى الدور الخامس

 أحمد :طيب لازم نطلع و ننزل من غير الأسانسير عشان الأسانسيرات مش شغالة دلوقتى 

دخالنا الجراج من مدخل السيارات و صعدنا على الأقدام فى ممرات السيارات حتى وصلنا إلى السيارة و كانت المفاجئة , لقد كان زجاج السيارة مهشم عن أخرة و تم سرقة كل محتويات السيارة بما فيها مستلزمات الأسعافات الأولية , توقفنا مصدومين للحظات إلى أن أتى فرد أمن من أمن الجراج و بداء فى الحديث مع أحمد :

الأمن : دول شوية بلطجية يا باشا جم و معاهم سكاكسن و مطاوى و كساروا كزا عربية و سرقوا اللى فيها , حاولنا نوقفهم بس

 مقدرناش عليهم يا باشا , كان عددهم كبير

أحمد : طيب مبلغتوش الجيش لية ؟

الأمن : جرينا و جبنا عساكر من الجيش بس كانوا جريوا ولاد الهرمة

أحمد : طيب و أية العمل دلوقتى , هنتصرف أزاى

نيفين : أحنا فعلآ محتاجين الحاجات دى ضرورى , المصابين عددهم كبير و محتاجين أسعافات

هالة : أنا ممكن أتصرف , فى كنيسة قريبة من هنا فى شارع صبرى أبو علم , الكنيسة اللى أودام الجامع , انا أعرف الناس هناك

 و ممكن يساعدونا و انا متأكدة انهم عندهم كل اللى أحنا عوزينه

أحمد : طيب يلا بسرعة , مفيش وقت

أنطلقنا ننزل طرق الجراج جريآ لتوفير الوقت , و عندما وصلنا إلى الأسفل فوجئنا بأثنين من البلطجية يحملون الأسلحة البيضاء , مجرد أن رأونا حتى أتجهوا ألينا , لم نعطيهم الوقت و بدأنا نجرى فى أتجاة صبرى أبو علم و لكن هالة كانت بطىئة فى الجرى ولاحظ أحمد أنهم سوف يلحقون بنا أذا أستمرت المطاردة بهذة الطريقة فتوقف و نظر ألينا و قال :
أحمد : أجرو أنتم و أنا هحاول أعطلهم

لم نجيب فقط فعلنا ما أمرنا به و واصلنا الجرى فى اتجاة الكنيسة , لم تكن المسافة بعيدة و لكن كانت كافية للحاق البلطجية بنا , لولا توقف أحمد أمامهم و رفع قطعة معدن وجدها على الأرض و أستخدمها كسلاح يدافع به عن نفسه , و هجم علية البلطجية واحد من اليمين و الأخر من اليسار , رفع الأول سلحه و سقط به على أحمد ولكن أحمد تفاداها برشاقة رائعة و هم الأخر بضربة ولكن أحمد كان أسرع منه وضربة فى ساقه بالقطعة المعدن فسقط , وقعت عين أحمد علينا أنا و هالة و صرخ : أجرواااااااا
أنتطلقنا حتى وصلنا لباب الكنيسة و بدأنا بطرق الباب بمنتهى القوة حتى أتى راهب من رهبان الكنيسة و سأل من خلف الباب : انتو 
مين أمشوا من هنا

هالة : انا هالة تادرس أفتح بسرعة

فتح البوابة بسرعة و قال : هالة تدرس ؟ أية اللى حصل مالك بتنهجى لية يا بنتى ؟

هالة : هحكيلك بعدين المهم دلوقتى فين الأدوات الأسعافية اللى أنتم شايلنها عندكم أنا محتجاها ضرورى

الراهب : جوة متشالة فى مكانها , أدخلى و أنا هجبهملك

هالة : طيب بس فى واحد معانا جاى دلوقتى يا ريت تبقى تفتحله , دة معانا متخفش منه

الراهب : حاضر يا بنتى

دخلنا إلى الكنيسة و جلسنا نلتقط الأنفاس و ننظر إلى صورة العذراء , و كنا لا نصدق ما يحدث لنا , فبدأت بالبكاء لا أعلم أن كنت أبكى على نفسى أو على وضع البلد أو على أحمد الذى يقاتل البلطجية وحده فى الخارج
وجدت يد الراهب تربت على كتفى و يقول :
: متعيطيش دى أرادة الرب و كل شىء بمشأته هو بس , متخفيش يا بنتى , صلى و أطلبى منه كل شىء و هو سمعك , الله محبة يا بنتى

بدأت فى الصلاة أنا وهالة و ندعوا الله أن تزول هذه المحنة و أن يعيد أحمد بسلام من يد البلطجية و لم نكمل دعئنا حتى سمعنا صوت أحمد من خلفنا يسألنا :

جبتم الحاجة اللى انتم محتاجنها ؟

ألتفت بسرعة فوجته واقف فى أول الكنيسة كأنه يابى الدخول و كانت يده ملطخة بالدماء , هرعت ألية لأطمأن على حالته فوجدت

 انه قد أصيب بطعنة فى ذراعه فخرجت منى صرخة صغيرة فزعآ و لوعة عليه  , فرد على :

بسيطة بسيطة يالا بسرعة بس عشان الناس مستنينا

نيفين : مش ممكن لازم أطهر الجرح الأول , مش هسيبك كدة

أحمد : يا دكتورة انا كويس و دة جرح بسيط , الناس اللى هناك أهم

نيفين : بسيط ؟ دة دراعك بينزف بغزارة أنت فقدت دم كتير قوى النهاردة , لازم أعالجلك الجرح قبل ما نتحرك

لم يستطع الصمود أمام أصرارى فأستسلم ليدى تطهر الجرح و هالة تقوم بالمساعدة , و كان يجلس على أحدى البنشات التى 
تتراص داخل الكنيسة و بدأ ينظر حوله و إلى السقف و كل شىء حولة و كأنه أول مرة يرى كنيسة , و قال :

أحمد : تعرفى أن دى أول مرة ادخل كنيسة بجد ؟

نيفين : لية ؟ مرحتش حتى فرح حد من أصحابك المسيحين ؟

أحمد : انا أصلآ مليش أصحاب نصارى

نيفين : أية نصارى نصارى أللى أنت مسكهلنا من الصبح دى , يا تقول مسيحين يا تقول أقباط , كلمة نصارى دى مش عجبانى

أحمد : القرأن سمى أتباع سيدنا عيسى عليه السلام النصارى

نيفين : انا مش عاوزة أدخل فى جدال دينى بجد بس فالنفرض الكلام اللى أنت بتقوله صح رغم أنى مش مقتنعة , أنتم بتقولوا على

 اللى بيعبدوا البقر أية ؟ مع الفارق طبعآ بين المسيحين و اللى بيعبدوا البقر بس انا عاوزة أعرف أنتم كا مسلمين بتسموهم أية

أحمد : لما بنجيب سيرتهم بنقول سيخ مثلآ

نيفين : حلو قوى , هم بالنسبلنا و بالنسبة للمسلمين كفرة و مع ذلك بتقول عليهم سيخ , لية بقى صعبة عليكم تقولوا على

 المسيحين بأسمهم ؟ و سهلة للكفرة اللى بيعبدوا البقرة ؟

كنت قد أنتهيت من تضميد جراح أحمد و تطهيرها و ضغط عليها جيدآ لأتأكد من أحكام الضمادة و فى نفس الوقت نوع من الأنتقام لما يقوله أحمد و لكنه لم يتألم أو ربما شعر بلألم ولكنه لم يظهرالألم لكى لا يعطينى متعة الأنتصار
هم أحمد بالرد على ولكن قاطعنا الراهب و قد اتى بأخر حقيبة تحتوى على الأسعافات المطلوبة , شكرته و نظرت إلى أحمد أنتظر الأوامر , فلم يكن منه ألا أن قال : يلا بينا عشان مفيش وقت
طلب مننا الراهب أن لا نخرج و نتجه إلى ميدان سيمون حيث أنه يعج بالبلطجية مما فيه خطر علينا و طلب مننا ان  نخرج من الباب الخلفى و نتجهه إلى جراج البستان و سأل أحمد عن البلطجيه رد أحمد بأنهم لاذوا بالفرار كالقطط , خرجنا و نحن نتحسس الطريق و قد قاربت اليلة على الأنتهاء و كنت أحمل حقيبة و هالة تحمل الحقيبة الأخرى و أحمد كان يحمل حقيبتين و كانوا أكبر وزنآ مما أحمل انا وهالة ولكنه كان يتحرك أسرع منا و أكثر خفة و صلنا إلى شارع البستان فوجدنا مجموعة لا بأس بها من البلطجية يتحركون هنا و هناك , فكان لابد لنا ان نغير المسار و نتجه من الشوارع الداخلية إلى شارع محمود محمود وكانت مخاطرة كبيرة ولقربه من وزارة الداخلية ولكن كان هذا الطريق الوحيد فى ظل الحصار الخانق من البلطجية المنتشرين فى كل مكان , أستمرينا فى السير ببطء و حذر حتى وصلنا إلى تقاطع شارع نبار و شارع محمد محمود بجوار المدرسة الألمانية ثم انحرفنا يمينآ متجهين مباشرآ إلى ميدان التحرير , و توقف أحمد للحظات لكى يطمأن علينا و ليتفقد الطريق , ثم قال : ربنا يستر , وزارة الداخلية قريبة جدآ و أحنا لازم ناخد بلنا كويس
هالة : انا خايفة , انا خايفة قوى
نيفين : متخافيش يا هالة , هى حتة صغيرة و هنوصل الميدان
أحمد بمنتهى الششجاعة : متخفيش يا هالة خليكم جنبى بس و هنعدى منهم بأذن الله
تحركنا ببطء و نحن نترقب كل خطوة فى طريقنا إلى الميدان إلى أن وصلنا إلى السنترال فقد كان هناك مجموعة من البلطجية منتشريين و كأنه مركز لهم أو شىء من هذا القبيل , لم تدم لحظات حتى لحظوا وجودنا , صرخ بنا أحمد و قال : أجرى يا هالة أجرى يا نيفين دول جايين عالينا .
لم انظر خلفى و أنطلقت أجرى بكل ما أوتيت من قوة و كنت أنظر خلفى أثناء الجرى لأرى هالة تكافح للحاق بى و أحمد من ورائها يجرى ولكنه لا يريد أن يسبقها حتى بدأ صوت طلقات نارية يعم المكان و كنا قد وصلنا إلى مكتبة الجامعة الأمريكية و رأنا عناصر من جماعة الأخوان المسلميين و نحن نجرى فقاموا على الفور بالتحرك فى أتجاهنا و رشق المطاردين بالحجارة فتراجع البلطجية على الفور مع سيل الحجارة التى  كانت تسقط عليهم من قوات الأخوان المسلمين عندما وصلت إلى السور الحاجز بين منطقة الثوار و باقى شارع محمد محمود لم أستطع منع نفسى من السقوط من التعب فأرتميت على الأرض , و ما هى ألا لحظات و لحق بت بى هالة , أنتظرت قليلآ لأارى أحمد ولكنه لم يظهر , كان عدد الشباب كبير فكانت الروأية صعبه و انا جالسة على الأرض , فوقت لأرى فوجدت ثلاثة من الشباب يحملون أحمد و يجرون به إلى الداخل , سقط قلبى حزنآ و لوعة على أحمد فجريت أليهم مسرعة , أسألهم : ماله أنتم شايلينه لية ؟
رد أحدهم : خد رصاصة فظهره
ظلوا يحملوه إلى أن وصلوا إلى أقرب مستشفى ميدانى و وضعوه على الأرض , طلبت منهم ان يتركوه فسوف أقوم على علاجه , قمت بنزع ملابسة حتى أرى الجرح و مكان الرصاصة , وكان هو يتأوه من شدة الألم , و فنظرت إلى مكان الرصاصة , فقد أصابته من الخلف و كان من اواضح أنها أصابت الرئة, كنت أعلم أنها أصابة قاتلة فلم اتمالك نفسى من البكاء , فنظر إلى بأبتسامة جميلة و قال : قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوآ أحد , نظرة ألية و عينانى تملأهما الدموع و قلت : الله محبة  , كرر ما قال : قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوآ أحد
نظرت ألية وقلت : بأسم الأب و الأبن و الروح القدس ,
لم أرى يومآ أنسان يفارق الحياة و لم أكن أتخيل أن يكون أول شخص يفارق الحياة يكون هو الرجل الوحيد الذى أحببته فى حياتى , أحببته منذ أن رأيته منذ بضع ساعات , يوم ولدت هو يوم روأيتى لوجهه و يوم مت و كتبت من شهداء الثورة هو يوم ميلادى , لحظات قبل أن  يفارق احمد للحياة و هو مبتسم ينظر إلى شىء فى الأفق , لا أدرى إلى ماذا ينظر و لكنه كان فرحآ مبتسمآ و كانه ينظر إلى شىء أكثر جمالا من إى شىء راه فى حياته , و انا أنظر اليه و أحمل يده فى يدى أتى أحدهم و أقترب من أذنه و قال  : قول أشهد أن لا أله إلا الله و أن محمد رسول الله
نطقها أحمد بمنتهى السلاسة ثم بداء نور الحياة يخفت فى عينية و شعرت بثقل يديه فى يدى و قد فارق الحياة و خرجت روحه إلى بارئها , و بقيت روحى فى داخلى ولكنا بدون حياة , فقد ولدت و مت فى نفس اليوم , ثم سمعنا جميعآ صوت أذان الفجر يأتى من مسجد عمر مكرم : الله أكبر ألله أكبر ................
أنا الشهيدة نيفين أبراهيم غطاس من شهداء ثورة التحرير........ الشهيدة التى مازالت على قيد الحياة   
   

الفا تيتو
القاهرة 
25 أبريل 2011  
  

Sunday, April 24, 2011

أللهم أهدنا الصراط المستقيم


اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
أنها أصعب فترة مرت على فى حياتى , ان أكون أعمى , لا أستطيع التميز بين الألوان ولا الوجوه هو من أشد أنواع العقاب من الرحمن , أن يلتبس عليك الحق بالباطل فهذا بالتأكيد أبتلاء من العزيز الكريم الذى أرجوا أن يعفينى من هذا البلاء العظيم فأنا أعلم انى عاصى و لكنى ألتمس رحمة الرحمن و عفو الكريم أن يعفينى من هذا البلاء العظيم .
قبل 25 يناير كان الأختيار سهل و التحديد بسيط , فهناك ظالم و هناك مظلومين فكان التميز بينهم واضح و صريح لا لبس فيه , و لكن بعد أن حصلنا على الحرية فى الأختيار و تحديد الأتجاه أصبح من العسير التحديد , ما هو فى مصلحة الوطن و ما هو فى مصلحة الفرد و ما هو رأى الدين و ما هو رأى العلم و المثقفين , و كل طرف يزيد من الضغط إلى أن تصل لمرحلة التشويش و عدم الأقتناع بكل شى , بل و عدم الثقة فى أى شىء و هذا حالى و أتمنى أن أكون الوحيد الذى يشعر بهذا الشعور , لأنه أبتلاء عظيم و لابد أن هذا البلاء يأتى بسبب المعاصى و الطريق الوحيد هو التوبه إلى الله و الرجوع إليه ليعفيك عن ما أبتلاك به .
تذهب إلى الصلاة فى يوم الجمعة فتجد الخطيب يحث المؤمنين على الجهاد فى سبيل تطبيق الشريعة الأسلامية التى هى دين الغالبية من سكان مصر , و فى رأى الشخصى هى الحل الوحيد للأمة الأسلامية بكل طبقاتها و لكن ما لا أفهمه لماذا الهجوم على التيارات الأخرة مثل التيار العلمانى التى تعتبر عند الملتزمين مرادف لكلمة كافر أو على أقل تقدير مرادف لكلمة منافق ,و تلاحظ انى ذكرت ملتزميين وليس سلفيين و ليس متشددين , فلا تشدد فى الدين أن كنت تطبق الدين كما أمرنا به رسول الله و لا يوجد مذهب سلفى لكى نطلق عليهم أسم سلف , بل هو فكر يقوم على أتباع السلف الصالح حتى يصلوا إلى السبيل الصحيح فى الدين و لكن التقليل مجرد التقليل من شأن الأراء الأخرى هو مرفوض بالنسبة لى شكلآ و موضوعآ , الخالق عز و جل أعطى الأختيار للناس أن يأمنوا به أو يكفروا به , فلا يجوز لأى شخص أن يكفر أو يتهم أى شخص أخر بالنفاق لا أحد يعلم ما فى نفوس الناس , ولكن الأصوات فى هذا الزمان عاليه , فكل فريق يملك من المنابر الكثير الذى يساعدة على نشر أفكاره الصحيحة و الهدامة , هذا الكم الكبير من القنوات التى تدعوا بطريقة غير مباشرة للأتجاة الغربى فى الحياة و تصوير الحياة الغربية على أنها جنة الله فى الأرض , هذا خطاء فادح لا أوروبا أو أمريكا أكثر تقدمآ ولا هم أكثر سعادة بل على العكس تمامآ فهم يعانون أشد امعاناه من طريقة حياتهم المادية المليئة بالضغوطات و التفكك الأسرى و الفقر و المرض , و على الطرف الأخر تجد القنوات الدينية التى تعمل جاهدة على تعليم الناس أمور دينهم الحنيف بعد أن ضل كثير من الناس و أنا منهم ولا أفتخر , و لكنها تدعوا بطريقة غير مباشرة إلى الطائفية الخطيرة على مجتمعنا و التى يمكن أن تؤدى بنا فى نهاية الأمر إلى الهلاك , و ليست القنوات الدينية المسلمة هى التى تفعل ذلك فقط , فا هناك قنوات دينية مسيحية تدعوا إلى نفس الشىء بطريق غير مباشر , و قناوات الملياردير نجيب ساويرس التى تدعوا إلى اللبرالية بكل ما فيها من أيجابيات و سالبيات .
أفه هذا الزمان الأعلام , و لو أن أنعزل الناس عن كل المؤثرات من أنترنت و قنوات فضائية لأستراح الناس و لكن هناك الكثير و الكثير من الطرق التى تصل إلى عقلك و تؤثر فيه , فا الفيس بوك تتأثر بالأعلام الشعبى الذى غالبآ تجد الأتجاة فية إلى الدين و الأسلام مع بعض التحريض على الطائفية أحيآ هنا أو هناك , و تدخل إلى عالم التويتر تجد اللبراليين و العلمانيين " و هناك فارق كبير ما بين الليبرالى و العلمانى و لكننا فى مصر نعتبرهم شىء واحد ", المهم هو انهم يقومون بهجوم شرس على ما يطلق عليه السلفيين , فهم لا يستطيعون أن يهاجموا الأسلام بل يستطيعون الهجوم على من يحملون الأسلام و يطلقون عليهم سلفيين ليسهل الهجوم فلا يستطيع الهجوم على المسلمين كما يفعل الغرب , فيتم تسمية التيار الدينى أخوان أو جهاد أو سلف , المهم الهجوم و ليس النقاش , و ؤأكد أن هذه الصفات ليست عليهم جميعآ بل على من لهم صوت مسموع داخل هذا التيار و لا أذيع سرآ أن ذكرت بعض الأسماء مثل المذيعة سلمى الدالى و المدون وائل عباس و علاء و منال , مشاهير المدونين الليبرالين , و تجد فى أفكرهم الرغبة العارمة على نشر الفساد فى المجتمع , من حرية الرجل و المرأة فى الحياة الجنسية مثل الغرب , مثل تغير قوانين الميراث حتى يكون للنساء حق الميراث مثل الرجل تمامآ و نلغى تشريع الله فى الميراث , الزواج المدنى بدلآ من الزواج الشرعى , حرية تغير الدين من مسلم إلى مسيحى و العكس  بدون تطبيق عقوبة الردة , و كثير من أحكام الشريعة التى لا يمكن بأى حال من الأحوال التنازل عنها أبدآ لا يتسع الوقت لذكرها جميعآ  .
فتجد نفسك بعد نهاية اليوم فى حيرة بالغة من أمرك فأنا غير مقتنع برأى رجال الدين فى السياسة فالحديث معهم لا يزيدك إلا حيرة و لا أثق فى التيارات اللبرالية التى تدعوا علانية إلى أنحلال المجتمع أخلاقيآ , و أخشى كل ما أخشى أن تنطبق علىّ الأية التى تقول :
مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (143) 
سورة النساء
  فاللهم أهدنى إلى صراطك المستقيم و لا تجعلنى من الضالين يا رب العالمين

الفا تيتو
القاهرة
20-04-2011 

Blogger Widgets